أُلقيت يوم الجمعة، السادس عشَر من شهر ذي القَعدة، سنة خمس وأربعين وأربع مئة وألف من الهجرة، في المسجد النَّبوي.
مترجمة إلى 24 لغة :
الإنجليزية – English الفرنسية – Français الإيطالية – Italiano البنغالية – বাংলা الأوردية – اردو الصينية – 中文 الأسبانية – Español الألمانية – Deutsch الفارسية – فارسى هوسا – Hausa التركية – Türkçe البرتغالية – Português الروسية – русский الهندية – हिन्दी الإندونيسية – Bahasa Indonesia الجورجية – ქართული المليبارية – മലയാളം الماليزية – Bahasa Melayu الألبانية – Shqip السواحلية – Kiswahili التاميلية – தமிழ் السويدية – svenska الكازاخية – Қазақ الفلاتية – Fulfulde
إنَّ الحمدَ للَّهِ، نَحمدُه ونَستعينُه ونَستغفرُه، ونَعوذُ باللَّهِ مِن شُرورِ أنفسِنا ومِن سيِّئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللَّهُ فلا مُضِلَّ لهُ، ومَن يُضلِلْ فَلا هادِيَ لهُ، وأَشهدُ أن لَا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شَريكَ لهُ، وأَشهدُ أنَّ نبيَّنا مُحمَّداً عبدُه ورسولُه، صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه، وسلَّمَ تَسلِيماً كثيراً.
أمَّا بعدُ:
فاتَّقوا اللَّهَ – عِبادَ اللَّهِ – حقَّ التَّقوى، وراقِبُوهُ في السِّرِّ والنَّجوى.
أيُّها المسلمون:
خلقَ اللَّهُ تعالى الخلقَ لعبادِته، وأمَرَهم بطاعته، ونهاهم عن معصيته، وافترض عليهم فرائضَ متفاوتةً في الفضل بعضَها أحبَّ إليه من بعضٍ.
ومن أعظم الطَّاعات، وأفضل القربات: حجُّ بيت اللَّه الحرام، الذي هو أحد أركان الإسلام وأصلٌ من أُصولِه العِظامِ، سُئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ» (متفق عليه).
وقد أَقسَمَ اللَّه بالزَّمان الذي هو فيه؛ فقال: ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾، وأقسمَ بالمكان الذي يُؤدَّى فيه؛ فقال: ﴿لَا أُقْسِمُ بِهَذَا البَلَدِ﴾، فاختار سبحانه خيرَ بلادِه، وأحبَّها إليه، لتُقام على عرصاتها مناسكُ الحجِّ، فلا يُطاف على بقعة من الأرض سوى الكعبة المشرَّفة.
فرض اللَّه على النَّاس أداءه على المستطيع، قال عليه الصلاة والسلام: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ؛ فَحُجُّوا» (رواه مسلم).
وفضائله متتابعة على الحاج من حين دخوله في النُّسك.
فإذا لبَّى: وافقه في التَّلبية كلُّ شجرٍ وحجر حوله، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مُلَبٍّ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ مِنْ شَجَرٍ وَحَجَرٍ، حَتَّى تَنْقَطِعَ الْأَرْضُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا، يَعْنِي عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ» (رواه ابن خزيمة).
وبِهِ تُمحى أَدْرَانُ الذُّنوبِ والخطايا؛ قال عليه الصلاة والسلام: «الحَجُّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ» (رواه مسلم)، وهو طُهرةٌ للحاج من الذنوب إن سلم من جميع المعاصي والوطء والتَّعريض به، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (متفق عليه)، قال شيخ الإسلام: «المَحْوُ يَكُونُ لِلصَّغَائِرِ تَارَةً، وَيَكُونُ لِلْكَبَائِرِ تَارَةً بِاعْتِبَارِ المُوَازَنَةِ؛ وَالنَّوْعُ الوَاحِدُ مِنَ العَمَلِ قَدْ يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ عَلَى وَجْهٍ يَكْمُلُ فِيهِ إِخْلَاصُهُ وَعُبُودِيَّتُهُ لِلَّهِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ لَهُ بِهِ كَبَائِرَ».
والحُجَّاج هم وفد اللَّه القادمون عليه لطلبِ كرامته؛ قال عليه الصلاة والسلام: «وَفْدُ اللَّهِ ثَلَاثَةٌ: الغَازِي، وَالحَاجُّ، وَالمُعْتَمِرُ» (رواه النسائي)، ويُباهِي اللَّهُ ملائكتَه بهم يوم عرفة، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْداً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمُ المَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟» (رواه مسلم)، قال ابنُ عبدِ البرِّ رحمه الله: «وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ مَغْفُورٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاهِي بِأَهْلِ الخَطَايَا وَالذُّنُوبِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ التَّوْبَةِ وَالغُفْرَانِ».
ومَن أتى بجميع أركانِه وواجباتِه معَ إخلاصِ النِّيَّة، ولم يخالطْه بمأثم؛ فجزاؤه الجنَّة؛ قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةَ» (متفق عليه).
الحجُّ طاعةٌ يصحَبُها طاعات، ملِيءٌ بالمنافِعِ والعِبَر والآيات، قال سبحانه: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾، قال القُرطبيُّ رحمه الله: «مَنَافِعُ لَهُمْ؛ مِنْ نُسُكٍ وَتِجَارَةٍ وَمَغْفِرَةٍ، وَمَنْفَعَةِ دُنْيا وَأُخْرَى».
وأعظمُ مَنَافعه: ما يَتقرَّبُ به العبادُ في حجِّهم إخلاصِ العمل للَّه؛ قال جل شأنه: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾.
ومن منافعه: إظهار التَّوحيد في تلبيتهم؛ «لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ» (متفق عليه).
ومن منافعه: تسليم النفس للَّه عبوديةً ورقّاً، قال شيخُ الإسلام رحمه الله: «الحَجُّ مَبْنَاهُ عَلَى الذُّلِّ وَالخُضُوعِ لِلَّهِ، وَلِهَذَا خُصَّ بِاسْمِ النُّسُكِ».
ومن مقاصد الحجِّ تحقيقُ الاتِّباعِ والتَّأسِّي بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فلا نُسُكَ ولا عبادةَ إلَّا بما وافَقَ هَديَه؛ قال عليه الصلاة والسلام: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» (رواه مسلم).
والاتِّباعُ دليلُ الصِّدقِ والإيمانِ والمحبَّة؛ قال عز وجل: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، وكلُّ عبادةٍ على خلافِ هَديِه عليه الصَّلاة والسَّلام فإنَّ اللَّهَ لا يَقبَلُها؛ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا؛ فَهُوَ رَدٌّ» (رواه مسلم).
والمُسلمُ يتمسَّك بدينه وينأَى بنفسِه عن أفعالِ الجاهليَّة وسُلُوكِهم، وفي الحجِّ تأكيدٌ على ذلك تِلْوَ تأكيد، قال ابن القيِّم رحمه الله: «اسْتَقَرَّتِ الشَّرِيعَةُ عَلَى قَصْدِ مُخَالَفَةِ المُشْرِكِينَ، لَا سِيَّمَا فِي المَنَاسِكِ».
وفي عَقد نِيَّة الإحرام دعوةٌ للنَّفس إلى عِصيان الهوى – فلا لُبسَ مخيطٍ، ولا مسَّ طِيبٍ، ولا تقليمَ أظافر، ولا خِطبةَ نكاح -، وفيه تزولُ فوارقُ زُخرف الدُّنيا، ويظهر الخلقُ سَوَاسِيةً لا تَمَايُز بينهم في المظهر.
وفي الحجِّ تواضعٌ للَّه ولخلقه، وإقرارٌ بأنَّ الكِبْرَ للَّه وحده، وذلك بالتَّكبير عند الرَّمي والطَّوافِ وفي يوم النَّحر وأيَّام التَّشريق؛ لتبقَى القلوبُ مُتعلِّقةً باللَّهِ، نقيَّةً عن كلِّ ما سِواه.
في الحجِّ تظهرُ عظمةُ الإسلام في توحيدِ الشُّعوب على الحقِّ، وجَمعِهِم على كلمة الإسلام، يقصِدون مكاناً واحداً، ويَدعون ربّاً واحداً، ويتَّبِعون نبيّاً واحداً، ويتلون كتاباً واحداً، وفيه تتلاشى فواصلُ الأجناس واللُّغات، والأقطارِ والألوان، ويظهرُ فيه ميزان التَّقوى والإيمان؛ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.
وفيه يَأْتلِفُ المسلمون وتَقوَى أواصِرُ المحبَّة بينَهم، فيَظهرُ للخلق عَظمةُ الإسلام وفضلُه، وعزُّ هذه الأمة وعلوُّ شأنِها، قال سبحانه: ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾.
ومن منافعه: أن الحجيج يتقرَّبون إلى ربِّهم بالإكثار من ذِكره تعالى كُلَّما أقامُوا أو ارتَحَلُوا، وإذا صعِدُوا أو هَبَطُوا؛ بل حتَّى بعد فَراغهم من نُسُكِهم؛ قال تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً﴾، قال ابن القيِّم رحمه الله: «أَفْضَلُ أَهْلِ كُلِّ عَمَلٍ أَكْثَرُهُمْ فِيهِ ذِكْراً، وَأَفْضَلُ الحُجَّاجِ: أَكْثَرُهُمْ ذِكْراً».
وزِينةُ الحُجَّاج إظهارُ مكارم أخلاقِهم، ومحاسنِ أعمالهم، وطِيبِ الكلام بينهم، قال جلَّ شأنه: ﴿فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ﴾.
والإحسان إلى الحجَّاج عبادة متعدِّية النَّفع، قال مجاهد رحمه الله: «صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما فِي السَّفَرِ لِأَخْدِمَهُ؛ فَكَانَ يَخْدِمُنِي»، قال ابنُ رجبٍ رحمه الله: «وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ السَّلَفِ يَشْتَرِطُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي السَّفَرِ أَنْ يَخْدِمَهُمُ؛ اغْتِنَاماً لِأَجْرِ ذَلِكَ».
في الحجِّ تربيةٌ للنَّفس على ترك الرَّغبات باجتناب بعض المباحات كَلُبس المخيط والطيب؛ ومَنْ كفَّ نفسَه عن محظُورات الإحرام في حَجِّه؛ حرِيٌّ به أن يَكُفَّها عن المعاصِي في كلِّ زمانٍ ومكان.
وفيه حثٌّ على إتقانِ العملِ وبيانٌ لأهمِّيَّةِ الوقت؛ فبغروب الشَّمس تحوُّلٌ من بُقعة إلى بقعة، وانتقالٌ من مَنْسَكٍ إلى منسك، لا يَسْبِق فِعلٌ فعلاً، نظامٌ عامر في الحياة والشَّعائر، منه المنطلق في الإخلاص والاتِّباع.
ويتأمَّل الحاجُّ في موطن رمي الجمار ذلَّ إبليسَ، حين ظهر على إبراهيمَ عليه السلام ليمنَعه عن امتثال أمر ربِّه بذَبح ابنه إسماعيل؛ فرماهُ الخليلُ بالحجَر مُهيناً له ومُظهِراً له العَداوة، وعودةُ خروجه على الخليل ثلاث مرَّاتٍ؛ تذكيرٌ لنا بأنَّ إبليسَ يُعاوِدُ وسوستَه لبني آدم وفي عِدَّة مواطن.
ومَنْ لبَّى في حجِّه بالتَّوحيد، وكبَّرَه في العيد؛ وجَبَ عليه الوفاء بوعده مع اللَّه بأن لا يدعوَ سواه، ولا يَلجأَ إلى غيره، ولا يطوفَ بغير الكعبة، قال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾.
وبعد أيُّها المسلمون:
فاللَّه عظّم المسجد الحرام، وسمَّاه بيته، وليس أحد من أهل الإسلام إلا وهو يَحِنُّ إلى رؤية الكعبة والطواف بها.
والحج تذكير بالاستعداد للرَّحيل إلى الدَّار الآخرة، وهو آخر أركان الإسلام، وأداؤه في آخر شهر في العام، وفَعَله النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في آخر حياته، والحاجُّ يترك ماله وأهله ويرحلُ للحجِّ، ويلبس إحراماً كلِباس الأكفان، واجتماع العِباد والوقوف بالمشاعر تذكير باجتماعهم في المحشر ووقوفهم بين يدي اللَّه.
أعوذ باللَّه من الشَّيطان الرَّجيم
﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعلى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ﴾.
بارك اللَّه لي ولكم في القرآن العظيم …
الحمدُ للَّهِ على إحسانِه، والشُّكرُ لهُ على توفيقِه وامتِنانِه، وأشهدُ أن لَا إلهَ إلَّا اللَّهُ وحدَه لا شريكَ لهُ تعظِيماً لشَأنِه، وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً عبدُهُ ورسولُه، صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه وسلَّمَ تسلِيماً مزيداً.
أيُّها المسلمون:
القاعدُ لعذرٍ عن العملِ الصَّالحِ شريكٌ للعامل إذا صدَقَت نيَّتُه، ورُبَّما سَبَقَ السَّائرُ بقلبه السَّائرين بأبدانهم، وقد شُرِعَ لغير الحجَّاج صيامُ يومِ عرفة؛ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» (رواه مسلم).
فشاركوا الحَجِيج في أيَّام عشر ذي الحجة بالدُّعاء والتَّهليل، والتَّكبير والتَّحميد، وسائرِ أنواع الذِّكر، وأكثِرُوا منها كلَّ حين؛ قال عليه الصلاة والسلام: «مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ؟ قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» (رواه البخاري)، فاغتَنِموا مواسم العبادة قبل فواتها؛ فالحياة مغنَم، والأيامُ معدودة، والأعمارُ قصيرة.
ثمَّ اعلموا أنَّ اللَّه أمركم بالصَّلاة والسَّلام على نبيِّه …